مقدمة الطبعة الإيطالية
نشرت «رسائل إلى صديق ألماني» في فرنسا بعد
التحرير، بعدد قليل من النسخ، ولم تعد طباعتها مرة أخرى. وكنت دائماً معارضاً
لنشرها في بلاد أجنبية لأسباب سأشرحها.
إنها المرة الأولى التي تظهر بها خارج فرنسا،
ولكي أعزم على ذلك، لم يلزمني سوى الرغبة في المساهمة، من جانبي المتواضع في
جعل الحدود الحمقاء بين بلدينا أن تسقط في يوم ما.
غير أني لا أستطيع إعادة نشر هذه الصفحات، دون
أن أشرح محتواها. كُتبت ونشرت هذه الصفحات في الخفاء. كانت تهدف إلى استجلاء،
المعركة العمياء التي كنا فيها، ولجعلها بهذا أكثر تأثيراً. إنها نتاج ظروف
تلك المرحلة، ولعلها تحمل ظلماً ما. في الحقيقة، إن كان من الواجب الكتابة عن
ألمانيا المهزومة، لابد من استخدام لغة مختلفة نوعاً ما. غير أني أريد فحسب
أن أحذر من سوء فهم ما. حين يقول كاتب هذه الرسائل «أنتم»، لا يريد أن يقول
«أنتم الألمان»، ولكن: «أنتم النازيون». وعندما يقول «نحن»، لا يعني ذلك «نحن
الفرنسيون» ولكن: «نحن الأوروبيون الأحرار». إنهما موقفان متقابلان، ليس
أمتان، حتى ولو في لحظة من التاريخ، جسدت هاتان الأمتان موقفين متعاديين.
وباستعارة كلمة ليست لي: أحب بلادي بحيث أني لا أستطيع أن أكون وطنياً. أعرف
إن فرنسا وإيطاليا لن تخسرا في الانفتاح على مجتمع أكثر اتساعاً.لكننا لازلنا
بعيدين عن الهدف، وأوربا مازالت ممزقة. لهذا سأشعر بالعار، اليوم، إن كنت
أترك الاعتقاد بأن كاتباً فرنسياً يستطيع أن يكون معادياً لأي أمة. لا أكره
إلا الجلادين. إن كل قراءة تتناول «رسائل إلى صديق ألماني» من هذا المنظور:
كوثيقة في النضال ضد العنف، فإني أتبناها، ومن الآن.. لا أنكر أي كلمة منها.