|
تاريخ صفورية
كما حرموا الفلسطيني من أرضه يحاول البعض حرمانه من تاريخه. يعطي مثال صفورية صورة واضحة عن ذلك: لا يتحدث بعض الكتاب سيئي النية عن التاريخ القديم للمدينة إلا من خلال فكرة مسبقة، لا تبحث إلا عن إثبات متخيل ديني، منكرين ماضيها المتعدد الثقافات، الكنعاني والآرامي واليوناني والحشموني والروماني والبيزنطي والعربي. هذا التحوير التاريخي لا يهدف إلا لتقديم صفورية على أنها ليست سوى مدينة فئة دينية واحدة. ينسى هؤلاء الكتاب أنه من الصعب نسبة تاريخ المدينة إلى فئة دينية واحدة، لأن سكان المدينة كانوا صفوريين قبل أن يكونوا مسيحيين أو يهوداً أو وثنيين أو من أية فئة دينية أخرى. تخبرنا النصوص التاريخية بأن يهود صفورية (مثل يهود الجليل الآخرين) هم جزء من الإيطوريون والآراميين الذين اعتنقوا اليهودية تحت سيطرة الحشمونيين، وأصبحوا مسيحيين خلال القرن الرابع والخامس الميلادي، ثم اعتنقوا الإسلام خلال الحقبة العربية. إن التراث الشفهي لأهل صفورية (المهجّرين اليوم) ومعتقداتهم الدينية الشعبية وأعيادهم، مثل عيد الخضر وخميس الأموات والنبي موسى تذكر بجذورهم وبتراثهم، إنهم أميل ليكونوا متغيرين ومتقاطعين مع الديانات المختلفة. يفخر أهل صفورية بهذا التراث، تراث جميع الفئات الدينية. رغم كونهم مسلمون، فإنهم يفخرون بأن المشناة كتبت في صفورية، ويفخرون أن مدينتهم كانت مدينة حنة وواكيم والدا السيدة مريم. لماذا إذاً تزييف تاريخ صفورية؟ هدف هذه الكتابات تبرير طرد الفلسطينيين وأهل صفورية من أرضهم... الحجة بسيطة: «إن لم يكن تراث وتاريخ صفورية ينتمي لأهل صفورية، فإن هذه الأرض لا تنتمي لهم...!»
|
|
|
|
|